“بقاله صغيرة مكانها إستراتيجي في الحارة وجايه على زاوية وقريب منها سوبرماركت كبير ويفتح 24 ساعة، أهل الحي يروحون للبقالة عشان مكانها وللأغراض اليومية (خبز، زبادي، لبن، مويه، صابون، توست، وعصيرات) وأهل الحي سمّوها بقالة “ما فيه” وهذا هو موضوعنا”
تغيّر صاحبها ثلاث مرات في الخمس سنوات الماضية وفي كل مره تتغير اللوحة ويتغير المحاسب وتستمر هي نفسها بقالة “مافيه” لأنه من المستحيل انك ما تسمع كلمة “ما فيه” في وسطها سواء لك أو لزبون آخر ولو ركزت في سبب قول “ما فيه” تجد أنه إجابة لسؤال عن أحد الأغراض اليومية العادية، وفي كل مره يقرر فيه أهل الحي أن يتركوا هذه البقالة التي لا تفي بكل الاحتياجات، يعودون لها بسبب مكانها الإستراتيجي وهرباً من زحمة السوبر ماركت الكبير.
جاء مالك جديد لبقالة “ما فيه” ومثل كل مرّه تغيرت اللوحة والمحاسب ولكن في هذه المره تغيّرت الطاولة وجهاز المحاسبة وأصبحوا يقبلون بطاقات الصرّاف، ومع هذه التغييرات دخل زبون بعد شهرين وجمع أغراضه وتبقى اللبن وسأل عنه وقيل له “ما فيه”.
في الزاوية هناك عامل هندي خمسيني يرتب الأغراض ويكتب في ورقة، اسمه صادق وجميع أهل الحي يعرفونه لأنه هو الوحيد الذي لم يتغير منذ افتتاح البقالة ومهمته هي ترتيب الأغراض وكتابة النواقص كل ليلة، بكل بساطة هو السبب في مشكلة الـ “ما فيه” لأنه بعيد عن مقابلة الزبائن ومعرفة حجم الطلب.
هذه هي فكرة تحسين الإجراءات والتحسين المستمر في المؤسسات والشركات، عند وجود خلل في تلبية إحتياج العميل فإن هذا يعني أن هناك خلل في الإجراء الخاص بخدمته سواء من واجهة الخدمة أو من العمليات التي خلفها، مهما كان حجم الشركة أو المؤسسة أو المنظمة الخدمية عليها ان تهتم بتحسين الإجراءات بشكل مستمر وأن تتأكد من ترابطها بين وحداتها المختلفة.
فيصل الصويمل